مقالات تخصصية

رؤية مستقبلية لاقتصادٍ سوريٍ متين

رؤية مستقبلية لاقتصادٍ سوريٍ متين

• خلود عيسى/الياس الابراهيم

.وقوف على الثغرات وتحديدها ومواطن القوة في الاقتصاد السوري وتعزيزها والبحث في السياسات الاقتصادية الاجتماعية التي تزيد معدل النمو مع أقل معدل ممكن لزيادة التفاوت, وتحديد النموذج الاقتصادي المطلوب في سورية... نموذجاً اقتصادياً سورياً في الدرجة الأولى لا يُسمح فيه بالتجريب أو الانتقاء.
ما هي أولوياتنا في المرحلة القادمة ليكون اقتصادناً بخير... وما هي القطاعات التي يجب دعمها والقطاعات التي يجب الوقوف إلى جانبها؟.
أسئلة عديدة تمّ طرحها لتكون من أولويات المرحلة الراهنة في لقائنا مع الدكتور عابد فضلية نائب عميد كلية الاقتصاد.
ما هي الهوية التي يحملها الاقتصاد السوري؟

بدايةً يجب علينا التفريق ما بين الهوية والنهج، فالهوية تعني أن ننسب للاقتصاد الهوية الزراعية أو الصناعية أو الخدمية أو كلاهما, أما نهج الاقتصاد فهو إما أن يكون نهج اقتصاد سوق اجتماعي أو نهج اقتصاد ليبرالي أو نهج ذو صبغة اشتراكية؛ فمن حيث النهج فالاقتصاد السوري يسير على نهج اقتصاد السوق الاجتماعي بمعنى آخر اقتصاد سوق ليبرالي يلعب فيه العرض والطلب دوراً في قيادة القطاع الخاص إلى جانب القطاع العام في عملية التنمية. والسيد الرئيس في خطابه الأخير قال: إن سورية بحاجة إلى اقتصاد جديد, وتحدّث عن توازن بين الجانب الاجتماعي والجانب المادي لهذا الاقتصاد. وهو يريد بذلك اقتصاد سوق اجتماعي ولكن حقيقي, فالفترة السابقة تمّ رفع شعار اقتصاد السوق الاجتماعي لكن التطبيق له كان فوضوياً ولم يتماشى التطور الاجتماعي فيه مع الجانب المادي, فالذي حدث تطور في الجانب المادي إلى حدّ ما وبشكلٍ عشوائي وفي هذا الجانب يمكن القول إنّ اقتصاد السوق حقق نجاحاً فيه إلى حدٍ ما، لكن الجانب الاجتماعي لم يحقق أي نجاح ولم يحقق الأهداف المرسومة في إطار المنظومة الاجتماعية التي كان عليها أن تتطور تماشياً مع التطور المادي فيها. أما هوية الاقتصاد السوري من حيث طبيعة القطاع وهو ما يسمى قاطرة النمو. فالاقتصاد السوري يجب أن يكون زراعياً صناعياً, إضافة إلى أهمية القطاع السياحي ولن ننسى القطاعات الأخرى التي يجب أن تكون داعمة لنمو القطاعات القائدة (الزراعة، الصناعة، السياحة) من قطاع المال والاتصالات والنقل, فهي قطاعات ضرورية لنمو القطاعات الأخرى التي ينعكس نموها على القطاعات الخدمية بسبب وجود العلاقة التفاعلية بين جميع القطاعات, والسبب في قيادة هذه القطاعات (الزراعة والصناعة والسياحة) قاطرة النمو في سورية يعود إلى أنّ لكل عملية إنتاج عوامل إنتاج وهي أربعة متمثلة بالعمل, والأرض ورأس المال, والاستحداث أو التنظيم.
فالعنصر الأول من عناصر الإنتاج مثلاً متوفر في سورية بكثافة وبكفاءة في قطاعات الزراعة والصناعة التحويلية, إضافة إلى وجود العنصر الثاني المتمثل بالموارد. فسورية تستطيع أن تكون بلداً زراعية أما اليابان مثلاً فلا تستطيع أن تكون كذلك.
والخطة الخمسية العاشرة أهملت متابعة تنفيذ التنمية الزراعية والتنمية الصناعية, بمعنى تمّ دعم هذه القطاعات بمجرد الكلام لكن التطبيق كان سيئاً.
ومن هنا نستطيع القول: إنّ اقتصاد السوق الاجتماعي اقتصادٌ أثبت جدارته بشكل ممتاز وألمانيا مثلاً تنبهت لهذا المبدأ وطبقته بشكل جيد فالمشكلة إذاً تكمن في التطبيق.
لماذا لم نستطع النهوض بالقطاع الصناعي بالشكل الأمثل؟.
أسباب عديدة تكمن وراء تراجع القطاع الصناعي رغم إقامة المؤتمرات الصناعية التي حظيت باهتمام وقبول لآراء الصناعيين, فالخلل يكمن في اتخاذ القرارات دون أن يسبقها ما يجب اتخاذه من إجراءات وقوانين، حيث تمّ تحرير التجارة الخارجية في سورية منذ سنتين وصدر تشريع يقضي بحماية الصناعات الناشئة وتحرير التجارة الداخلية والخارجية قبل صدور قانون حماية المستهلك، كما تمّ تحرير التجارة الخارجية قبل صدور قانون تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار، وأيضاً تمّ إصدار قانون بتخفيض الضرائب على الأرباح الحقيقية قبل قيام الدولة بإصلاح القطاع العام لضمان تعويضها الإيرادات التي قد تفوتها من تقليل الضرائب على الأرباح الحقيقية، والسؤال الذي يطرح نفسه كيف نجحنا بنسبة نمو 5.7 % أو 6% وبنفس الوقت لم ننجح بالتقليل من نسبة العاطلين عن العمل أو من نسبة الفقر, والجواب هو أننا تسرعنا في التركيز على الأنشطة الريعية والعقارية والمضاربات التي تنمي المال بالمال, ورأس المال هو الذي يكسب فيها وينمو على حساب القطاع الإنتاجي الذي بنموه يؤدي إلى تشغيل اليد العاملة التي تعطي المزيد من الرواتب والأجور للفقراء ولأصحاب الدخل المحدود، ولكي ننهض بصناعتنا الوطنية, فإنّ القطاع الصناعي يحتاج إلى الدعم والتنشيط وإلى دفعه للعمل بشكلٍ مؤسساتي بعيد عن العقلية القديمة في إدارة المنشأة الصناعية كما يحتاج إلى كسر قيود البيروقراطية والفساد والتعامل بشكل شفاف في السوق وعلى الحكومة أن تقوم بتشجيع الصادرات، فمثلاً تركيا تقوم بدفع نسبة مئوية من قيمة الصادرات لصالح المصدر كما يحتاج القطاع إلى وضع التشريعات الكفيلة بتشجيع النشاط الصناعي من حيث قيمة الخدمات والرسوم المفروضة على الصناعي وبذات الوقت عليها استرداد ما تمّ تفويته من تخفيض للرسوم عن طريق الضريبة على الأرباح الحقيقية وليس الضرائب غير المباشرة وذلك أسوة بأهمّ الدول.
الإصلاح المالي في سورية... وإلى أين وصل؟!
كانت وزارة المالية ثوروية خلال السنوات العشر الأخيرة في مجال التشريعات إلا أنّ هذه الثورة لم تطل إصلاح الإطار المؤسساتي وإصلاح العمل في الوزارة سواء في آلية التحصيل أو آلية التكليف. فالعمل لا يزال بحاجة إلى تطوير جذري يطال حتى العقلية أو الذهنية أو الفلسفة التي يتم الاستناد إليها في فرض الضريبة التي من الواجب أن تكون شفافة وواضحة وأكثر تفهماً للأهداف العليا... فالسير في ظل نهج اقتصاد السوق اجتماعي الذي أُقرّ واعتُمِد بناءً على قرار سياسي عالي المستوى يحتّم علينا ضريبياً أن نتكيف مع هذه الفلسفة بمعنى أن تكون المطارح الضريبية الأكبر هي التي تدفع أكثر من المطارح الضريبية الأقل وهو ما لم يحدث وإذا قلنا إنه حدث فقد حدث على نطاقٍ ضيقٍ وبشكلٍ محدودٍ جداً لذلك يجب في السياسة الضريبية أو التعليمية أو الاستثمارية أن تنسجم مع فلسفة النهج, ووزارة المالية تحتاج إلى خطوات ثوروية كما في التشريع أيضاً في إطار آلية العمل الضريبي والتكليف الضريبي.
ووزارة المالية حالياً بدأت بخطة عمل صحيحة أهمها إنجاز التراكم الضريبي وأتمتة العمل الضريبي وفتح صفحة جديدة مع المكلف وتدريب مراقبي الدخل للتعامل مع المكلف. وهي خطوات جيدة إذا تم العمل فيها وفق ما وضع لها.
ما هي الرسائل التي توجهونها لوزارة المالية في إطار ذلك؟.
إنّ الأعباء الملقاة على عاتق وزارة المالية كبيرة جداً, فهي مطلوب منها تأمين موارد للخزينة لتمويل الإنفاق العام بشقيه لكننا نقول وكما أسلفنا: إنّ وزارة المالية طورت تشريعاتها لكن المشكلة بقيت في نقل روح هذه التشريعات إلى أرض الواقع وبقيت البيروقراطية مسيطرة على آلية العمل في التنفيذ والتحصيل, ووزارة المالية تظلم نفسها كثيراً فالأعباء الكبيرة الملقاة عليها تتطلب كادراً وظيفياً أكبر من الذي تمتلكه, كما تتطلب إمكانات تقنية وتكنولوجية وحاسوبية أفضل وأماكن وأبنية أوسع, وهي بحاجة بعد ذلك إلى إصلاح إداري (فك وتركيب) بمعنى إعادة النظر بكافة الإجراءات والقرارات والتوجيهات, وإعادة النظر بآلية العمل فمثلاً القرار الذي صدر في إلغاء مستحقات وزارة المالية التي تقل عن 300 ل.س يعد إنجازاً كبيراً, فقد تمّ إلغاء 130 إضبارة بسبب أنّ كلفة تحصيلهم أكبر من قيمتهم.
والحقيقة أنه لا يستطيع أي مواطن أن يقدم نصيحة أو رأياً لوزارة المالية أفضل مما تعرفه وزارة المالية التي هي الأقدر على معالجة أمورها وأن تضع ما يناسبها بالشكل الأفضل، ونحن جميعاً مع مكافحة الفساد وتقليل البيروقراطية والروتين شرط ضمان حق الدولة أن تحصل على إيراد أكثر؛ بمعنى أنني أبحث عن 5 ليرات بتكلفة 10 ليرات فالرقابة والتفتيش أو الأجهزة الرقابية تساهم أحياناً بدورٍ سلبيٍّ في عرقلة العمل وفي عدم تحمل المسؤولية وفي الإحباط الذي يصيب الموظف. فموظف الرقابة ممكن أن يدقق على الفاصلة والنقطة والمبالغ البسيطة دون أخذ المصلحة العامة بعين الاعتبار, فهم بحاجة إلى فكرٍ متطورٍ ومنفتحٍ وإلى شفافية وثقة أكثر، فكثرة الإجراءات بين الموظفين والقيود والتعليمات تعني عدم الثقة, فالموظف يجب أن يكون لديه مرونة وأن يتحمل المسؤولية ومحاسبته في حال أخلّ في هذه المسؤولية.
ما هي الأسباب الكامنة وراء تفشي ظاهرة التهرب الضريبي؟.
هناك ظلم ضريبي في سورية وهناك تهرب ضريبي, فالظلم الضريبي والتهرب الضريبي سببه إما بيروقراطية وعقلية متحجرة أو سلطوية أو قد تعود لأسباب نفعية، وأهم الأسباب الكامنة وراء التهرب هو عدم عدالة النظام الضريبي, فالقانون واضح وهو عادل لكن الإجراءات التنفيذية وآلية تطبيقها قد يتم استخدامها بشكل مشوه فيشعر المكلف بأنه مظلوم على سبيل المثال عندما يتقدم المكلف بمصاريف شخصية تكون غير مقبولة لأن الأنظمة أو التعليمات التنفيذية لا تسمح بها, ففي هذه الحالة المكلف يحاول التهرب من جزء من دفع الضريبة لكي يبرر لنفسه بأنه مظلوم وأنّ وزارة المالية لا تعترف بمصاريف يراها محقة, فهو بالتالي يحاول التهرب من دفع جزء من هذه الضريبة.
أيضاً الإحساس بالغبن أحياناً والتعسف أحياناً والحب من التهرب من الضريبة كون المواطن غير سوي, وعدم الاقتناع بدفع مال للدولة لسبب ما كل ذلك يؤدي إلى التهرب الضريبي.
وأنا كمواطن لا أجد مبرراً للتهرب الضريبي على الإطلاق على اعتبار أنّ الشخص عندما يتهرب من دفع ليرة للدولة وكأنه أخذ من حق مواطن آخر ولأن ما يُدفع للدولة يُنفق على خدمات ذات نفع عام والتهرب الضريبي هو من أكبر الجرائم في أي مجتمع. ففي أوروبا قوانين رادعة وتطبق عليها أشد القوانين، ولكن هناك شرط قبل أن أجعل التهرب من الضريبة جناية يعاقب عليها القانون أن تكون هناك آلية فرض للضريبة واضحة وسهلة ومنطقية وبالمقدمة أن تكون ضريبة عادلة.
وماذا عن التهرب الضريبي...؟
ذكر السيد الرئيس أنّ الفساد هو آفة الآفات... والتهرب الضريبي والسرقة والتأخر عن العمل والتهرب الجمركي هو جزء من الفساد, ولكن التهرب الضريبي والتهرب الجمركي يشكلان أرقاماً كبيرة تعود بآثارها على الاقتصاد والمجتمع حيث يؤديان إلى تقليل موارد الدولة وهو لا يتم إلا عبر فساد من قبل موظفين. فالتهرب الضريبي يعني فساداً وهو أيضاً يعني التقليل من موارد الدولة هذا التقليل يدفع الدولة إلى زيادة الموارد التي تحتاج لها لكن على حساب آخرين قد لا تكون متوجبة عليهم فرض الضريبة بمعنى آخر تزيد من فرض الضرائب والرسوم على جهات أخرى لكي تعوض ما فاتها من التهرب الضريبي. فعندما تقل موارد الدولة بشكل عام يقلّ إنفاقها على الجانب الاجتماعي أي على الخدمات ذات النفع العام فيتضرر منها كل الشعب السوري, وهذا يشكل أثراً اجتماعياً أما الآثار الاقتصادية عندما يزداد التهرب الضريبي وتقل موارد الدولة فهي تنفق أقل على الاستثمارات الحكومية في القطاع العام, وعندما تنفق أقل على الاستثمارات فهي عملياً تنفق ما هو أقل من الضروري وبالتالي ترتب الآثار السلبية على الاقتصاد.
ومن ناحية أخرى إذا رصدنا عجز الموازنة العامة للدولة سنوياً ورصدنا ما يقدر به التهرب الضريبي فقط غير التهرب الجمركي سنلاحظ أن الموازنة العامة للدولة ما كانت لتعجز لو لم يكن هناك تهرب ضريبي. فالتهرب الضريبي يوازي تقريباً العجز في الموازنة العامة عندما تقع الموازنة العامة في العجز فإنها لا تقوم بما كانت تريد أن تقوم به من خدمات اجتماعية. فالتهرب الضريبي عائق يحول دون قيام الدولة بواجبها كما خططت له.
أما التهرب الجمركي فهو الأخطر والأكبر والذي لا يمكن حسابه على الإطلاق وبالتالي لا يمكن حصر آثاره السلبية لأن التهرب الجمركي إضافة للآثار التي تمّ ذكرها فهي لها نفس آثار التهرب الضريبي إضافة إلى آثارها المؤذية على الصناعات المحلية وعلى الإنتاج المحلي سواء استطاع التاجر أن يتهرب من دفع الرسوم الجمركية على بضائعه وبيعها بأرباح أكبر دون أن يقلل التكلفة أو في حال قلل التكلفة وباع بسعر أقل فهو يضر أيضاً من حيث المنافسة وتصبح المنافسة بين المستورد والمنتج المحلي غير متكافئة, وذلك يشكل ضرراً على أنشطة حقيقية إنتاجية وطنية, وهو ما حدث خلال الفترة الماضية عندما تمّ تحرير التجارة الخارجية أصبحت المنتجات تستورد وتدخل إلى الحدود بدون دفع رسوم جمركية أو بدفع رسوم جمركية بسيطة الأمر الذي أدّى إلى منافسة المنتج المحلي والصناعة المحلية, وهذا ألحق الأذى الكبير في الصناعة الوطنية السورية.
ألا يمكن حلّ هذه المشاكل بتحرير الفاتورة؟
الفاتورة تحتاج إلى مستوى أعلى من الوعي المؤسساتي والتجاري والصناعي حتى إلى وعي المواطن فلدى المواطن خجل أن يقول للبائع أعطني فاتورة والبائع يحس بالإهانة إذا طُلبت منه الفاتورة. وهذه الثقافة هي ثقافة متوارثة ولكنها غير عصرية وغير مقبولة وتسعى الحكومة إلى خلق ثقافة تداول الفاتورة بين المواطنين وتحث على ضرورة تداولها في مشترياتهم وتعاملاتهم اليومية وهذه المسألة قد تبدو صعبة ومتشابكة وتحتاج إلى عمل دؤوب ومتابعة مستمرة لأنها أهملت لسنين طوال حتى أصبح تطبيقها الآن يستلزم إجراءات كثيرة، والحملة الإعلانية التي قامت بها وزارة المالية كان لها وقعها وأثارت تساؤلات  العامة حول ماهية الفاتورة وقد قطعت الوزارة مرحلة جيدة في ذلك من خلال الرسائل الإعلانية التي تجسدت في اللوحات الطرقية والتي توجهت في كل مرحلة إلى شريحة معينة بأسلوب تميزت به وخاصة عندما أشعرت المواطن بأنها حق له ويجب الحفاظ عليه.
العامل النفسي ودوره في استقرار سعر الليرة؟
للعامل النفسي دور كبير جداً في ذلك, فالناس تخاف على ثرواتها التي قد تكون عرضة للتآكل بسبب ظروف أمنية أو أي ظروف أخرى وفي الأزمات يصبح هناك تضخمً أي تآكل, وبالتالي تنخفض قيمة العملة وهذا يرجع إلى أسباب موضوعية حقيقية موجودة لكن معظم أسباب تدهور قيمة العملة الوطنية هو إما نفسي أو بفعل إرادي بمعنى أن أصرّف نقوداً بغاية الربح فألجأ إلى ذلك من خلال الحصول على دولار مثلاً لتكبير الثروة والسبب الآخر الخوف من أن تتآكل ثروتي فأحولها إلى عملات أخرى، فلا يمكن أن يتدهور اقتصاد في العالم مهما كان ضعيفاً خلال ثلاثة أشهر فمن الممكن أن يُصاب بأضرار ولكن لا يمكن أن يتدهور بالقدر الذي تتدهور فيه العملة بمعنى انخفاض قيمة العملة له عامل حقيقي و8% منه هو عامل نفسي وهو الخوف ومن حق أي إنسان أن يخاف, ولكن بحيث أن يكون الخوف مبنياً على تحليل موضوعي وعوامل موضوعية. فأنا شخصياً لست خائفاً والسبب أنني أحلل الواقع والاقتصاد السوري اقتصاد متنوع ونحن نعلم ما هي العوامل التي ممكن أن تدعم الليرة السورية والاقتصاد السوري من حيث العرض السلعي قوي جداً فأنا لست خائفاً على سعر الليرة السورية.
ولكن المواطن العادي لا يستطيع أن يحلل وأن يكون منطقياً ففي عام 2005 كانت الأزمة في أشدها وصل الدولار لحدود 61 ليرة سورية وعاود للهبوط فجأة, والسبب أنّ الدولة السورية تتدخل بكافة الوسائل وهي قادرة وما زالت قادرة أن تتدخل فالمنطق يقول لا خوف وأنا لست مستعداً أن أحوّل الليرة إلى دولار وأنا بالعكس أخاف على من حوّل ماله إلى دولار، ونحن لا نريد لأحدٍ أن يخسر ولكن نريد من الناس أن تكون واعية بشكل أكثر(أن يكونوا واعون بشكلٍ أكبر).
الطبقة الوسطى المحرك الأساسي للاقتصاد.
الطبقة الوسطى موجودة ولكنها تقلصت, فالطبقة الوسطى تقع بين الفقير جداً والغني جداً. فالفقير جداً هو عقيم اقتصادياً وهو ظاهرة يجب ألا تكون موجودة والغني جداً لديه دور في المجتمع لكن هذا الدور محدود, وأما الدور الأكبر هو للطبقة الوسطى, ومن وجهة نظر اقتصادية فالشركات القابضة أصحابها تكون من الطبقات العليا أما ذوي الدخل المحدود والفقراء فهم يمثلون الطبقة الدنيا في حين تتمثل الطبقة الوسطى بأصحاب الأعمال من الحرفيين والمثقفين وأصحاب الأنشطة كما إنّ هذه الطبقة تقلصت في الفترة الماضية بسبب أنّ جزءاً منها قفز نحو الأعلى نتيجة ظروف معينة منها الفساد, وجزءاً آخر هبط نحو الأسفل لأن الأنشطة كانت أنشطة تحابي رأس المال على اعتبار أنّ الأنشطة الرائجة بكثرة كانت تحابي رأس المال بمعنى أنه من يملك المال هو الذي يستطيع أن ينمّي دخله.
ومن هنا نجد أنّ إعادة توزيع الدخل القومي وتشجيع الأنشطة الصغيرة والمتوسطة إضافة إلى زيادة الإنفاق الحكومي الاستثماري خاصةً يعمل على تنمية الطبقة الوسطى وتوسيعها.
المستثمر يحتاج إلى أكثر من الإعفاءات الضريبية:
أثبتت تجارب الكثير من الدول أنّ الإعفاءات الضريبية ليست الأساس والأهم لجذب أي مستثمر على اعتبار أنّ قيامه بأي مشروع يعتمد على دراسة الجدوى التي تحدد كافة حالات أرباحه دون النظر إلى أي إعفاء ضريبي.
وفي سورية اعتُبر الإعفاء الضريبي المحفز الأهم والضروري... فيما الأساس هو وجود بنية تشريعية وتحتية جيدة إضافة لها شفافية في التعامل وسرعة في إنجاز تراخيص العمل بالإضافة إلى عدم وجود فساد. فوجود قوانين الاستيراد والتصدير وتوفير الموارد البشرية ذات الكفاءة العالية والقادرة على تنفيذ المشروعات الاستثمارية إضافة إلى وجود التشريعات الضريبية العادلة كل ذلك من مشجعات الاستثمار ومحفزاته.
وحسناً فعلت وزارة المالية حينما أصدرت الصكوك التشريعية بتخفيض المعدلات الضريبية واستبدال الإعفاءات بحسومات ديناميكية ترتبط بالعمل الصناعي والإنتاجي وبأهداف اجتماعية أخرى.

Copyright © syriantax.gov.sy - All rights reserved 2024